جابر طايع : نقل الأخبار ونشرها دون تثبت مخالفة شرعية وخيانة وطنية
في ملتقى الفكر الإسلامي
أ.د/ سامي الشريف :
الشائعات من أبرز وسائل أهلِ الباطل في صراعهم مع أهل الحق
صناعة الشائعات تهدف إلى تحقيق أهداف خبيثة في المجتمع
الشيخ/ جابر طايع :
نقل الأخبار ونشرها دون تثبت مخالفة شرعية وخيانة وطنية
ترديد الشائعة ومشاركتها عبر أي وسيلة من الوسائل يسهم في ترويجها ونشرها
برعاية كريمة من معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، وفي إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام ؛ لنشر الفكر الإسلامي الصحيح ، ومواجهة الفكر المتطرف ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، أقيمت مساء يوم الجمعة 15 / 5 / 2020م الحلقة الثانية والعشرين لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وجاءت بعنوان: ” خطورة الشائعات “، وحاضر فيها كل من : أ.د/ سامي الشريف رئيس لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية وعميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة ، وفضيلة الشيخ / جابر طايع يوسف رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف ، وقدم للملتقى الإعلامي أ / محمد فتحي المذيع بقناة النيل الثقافية .
وفي كلمته أكد أ.د/ سامي الشريف رئيس لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية وعميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة أن الشائعات ليست ظاهرة جديدة ، فالصراع بين الحق والباطل صراع قديم قدمَ البشرية ، وهو مستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وإن من أبرز وسائل أهلِ الباطل في صراعهم مع أهل الحق : صناعة الشائعات ، وترويجها بين الناس ، موضحا أن الشائعة أنواع ، إما أن تكون خبرًا مختلقًا لا أساس له وهو أضعف أنواع الشائعة وهو الكذب البواح ، وإما أن تكون الشائعة إثارة لخبر فيه جانب من الصحة ، أو إضافة معلومة كاذبة لخبر معظمه صحيح ، أو تفسيرًا خاطئًا لخبر صادق ، فالشائعة يصنعها الخبثاء ، ويصدقها الأغبياء ، ويستفيد منها الأذكياء فيخضعونها للدراسة والبحث ، وباستقراء تاريخ الأنبياء والرسل (عليهم السلام) نجد أنه قد ألصقت بهم الشائعات للصد عن دعوة الله (عز وجل) ، ومع بداية العصر الإسلامي هناك شائعات تعرض لها الرسول (صلى الله عليه وسلم) وكذلك صحابته الكرام (رضي الله عنهم)كادت تعصف بمكانة المسلمين في هذا الوقت ، ومنها الشائعة التي أطلقت يوم أُحد ، حين أشاع المشركون مقتل النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رغبةً منهم في تفريق المسلمين من حوله ، وإضعاف قوتهم ، وبث الخوف والذعر في صفوف المسلمين ، فاضطربت صفوف المسلمين وضعفت قواهم النفسية ، وفرَّ بعضهم ، وألقى بعضهم السلاح ، وثبُت بعضهم مع النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .
كما أشار سيادته إلى أن الشائعات في عصرنا أخذت ثوبًا آخر مع تطور وسائل الإعلام وتكنولوجيا الاتصال وزيادة هذه الوسائل ، كوسائل التواصل الاجتماعي فأصبحت صناعة الشائعات مصدرًا للتكسب المقيت يشرف عليه أناس ومنظمات وهيئات أو دول تهدف إلى تحقيق أهداف خبيثة ، مؤكدًا أن الشائعات غالبا تنتشر في أوقات الأزمات ، فحينما توجد الحوادث وتغيب الحقائق تظهر الشائعات ويكون المجتمع مؤهلا لقبول تلك الشائعات ، أما إذا ظهرت الحقائق وقت الحدث تبددت تلك الشائعات .
وفي ختام كلمته أكد سيادته أن الشائعات إحدى أهم وسائل الحرب النفسية ، ولو نظرنا إلى كم الشائعات التي أثيرت حول ما يعانيه العالم الآن من انتشار جائحة كورونا سواء في تفسير هذه الظاهرة ، أو اكتشاف علاج لها ، أو في الأعداد والنسب التي أصيبت بهذا الوباء لوجدنا أن هناك عددًا من الشائعات لا حصر له ، يهدف بالأساس إلى التحريض ضد الدولة ، وضد المسئولين لإضعاف الدولة وتشويه مؤسساتها ، ومن الصعب على من يتعرض للشائعة في هذا العصر وفي ظل اتساع وانتشار شبكة الإنترنت أن يرد على كل ما ينشر هنا وهناك ، لذا يجب على المتلقي للخبر التأكد من مصدره واعتماد مصادر موثوق بها دون غيرها ، مشيرًا إلى أن هناك مشكلة بالنسبة لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ، فهناك نقل ومشاركة للأخبار دون تروّ أو تثبت من صحة الخبر فقط لمجرد النقل والشير ومسابقة الغير في سرعة نشره ، وهذا أمر ممقوت في الإسلام لأنه يكون سببًا في الإضرار بالآخرين دون أن يدري ، ومن ثم فيجب التثبت من الأخبار قبل نشرها أو مشاركتها ، موجها سيادته رسالة لمن تطلق عليهم الشائعة من المسئولين وغيرهم من الأفراد قائلا لهم : لا تبتئسوا ولا تحزنوا فلستم أحسن حالا من أنبياء الله ورسله ، فقد أصابتهم الشائعات فصبروا واحتسبوا الأمر لله تعالى ، فهو حسبنا ونعم الوكيل.
وفي كلمته أكد فضيلة الشيخ/ جابر طايع يوسف رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف أن للكلمة قيمة كبيرة ، وأهمية عظيمة ، ولها خطورتها وتأثيرها الكبير على الفرد والمجتمع بأسره ، ويتضح أثرها من قول الله تعالى في سورة الحجرات : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} وفي قراءة أخرى ” فتثبتوا” ، فهذا ضابط أخلاقي جاء في سورة الحجرات ، حتى إنها سميت بسورة الأخلاق ؛ لما تبثّه من منظومة قيمية لصالح الإنسان والمجتمع كله ، حتى يسلم المجتمع من الآفات ، ومن ثم فإن الخبر الخاطئ قد يحدث أزمات بين الناس ، فلا بد إذن من التحري والتدقيق والتفكير في كل ما يُنقل أو يُسمع أو يُقرأ أو يُنشر ، لا سيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، وقد سأل سيدُنا معاذ (رضي الله عنه) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ” ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ” ، فليس كل ما يسمع يقال ، وعلى الإنسان أن يتحرى الدقة في كل كلمة ، قبل ترويجها ونقلها ومشاركتها .
كما أكد فضيلته أن الكلمة أمانة ومسئولية عظيمة ، سواء أكانت مقروءة ، أم مسموعة، أم مرئية ، والشائعات ما هي إلا كلمة تنتشر بين الناس ، يطلقها صاحبُ قلب مريض ، أو هيئة أو منظمة من قوى الشر التي تعمل في الخفاء ، وتتناقلها الألسنة وترددها دون تثبت ، أو تبيّن ، فتؤثر سلبًا على العقول والنفوس ، وتنشر الأفكار الهدامة والمعتقدات الفاسدة ، ويصبح المجتمع ويمسي في قلق وريبة ، بل ويذهب الأمن ، وتضعف الثقة بين الناس ، فترى أمة الجسد الواحد يشكك بعضها في بعض ، ويخوَِّن بعضها بعضًا ؛ لذا قال النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ) ، فإذا كان التحدث بكل ما يسمعه الإنسان نوعًا من أنواع الكذب يُعاقَب عليه الإنسانُ عقوبة شديدة في الآخرة ، فكيف بمَنْ يتحدث بما لم يره أو يسمعه؟ .
كما أشار فضيلته إلى أن الإسلام قد اتخذ موقفًا حازمًا من الشائعات ومروجيها ، وعدّها سلوكًا منافيًا للأخلاق الحسنة ، والقيم النبيلة التي جاءت بها الشريعة الإسلامية ، وذلك حين أمر أتباعه بحفظ اللسان عن الخوض في ما ينشر الفتنة ويثير الاضطرابات في المجتمع ، وأمرهم بالصدق وعدم الكذب في أقوالهم ، وحفظ ألسنتهم ، والتثبت من كل ما يصل إلى أسماعهم حتى لا يكونوا سببًا في نشر الفتن ، وإفساد المجتمع ، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، وقال جلّ شأنه :{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، وقال سبحانه:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}، ويقول النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : ” يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ”
وفي ختام كلمته أكد فضيلته على وجوب التثبت من الأخبار والتأني قبل نشرها في المجتمع ، وعدم ترديد الشائعة عبر أي وسيلة من الوسائل مقروءة أو مسموعة أو مرئية ؛ حتى لا يسهم ترديدها في ترويجها ونشرها ، فالشائعات تزداد انتشارًا إذا وُجِدَتْ ألسنة ترددها ، وآذان تصغي إليها ، ونفوس تتقبلها وتصدقها ، قال تعالى:{ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ }، وقال (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : ” مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ” .